صناعة العقلية عالية الأداء






تخبرنا أدبيات التغيير أن :
" التحويل قبل التحوّل " 
أي أن تحويل مجرى الأفكار يكون قبل التحوّل الكبير في أسلوب التعاطي مع الحياة. 

التحويل يعني أن تبدأ ببذور أفكارك وتعمل مباشرةً مع المصدر .. من هنا يبدأ البناء الحقيقي " للعقلية ".
ومن سمات هذه المرحلة التطور التدريجي في الوعي والانتقال السلس في طبقات الأفهام وتَشكُّل أساسات التفكير 
التحويلي.
وأول مرحلة في عملية التحويل تبدأ " برفع الوعي الذاتي"
الحجر الأساسي للذكاء الإنفعالي .
فالوعي الذاتي يُعنى برفع مستوى تأثيرك وجاذبيتك ومن خلالهما يقوم الآخرون بتقييم أهدافك وأفكارك وانفعالاتك وعاداتك .. 
التأثير والجاذبية تُعطيانك تذكرة عبور للمس أفكار ومشاعر الآخرين والتأثير فيها لتعزيز الأداء وإدرار الإبداع،، 
وذلك عن طريق إعادة صياغة عقلياتهم الأدائية وأسلوب تعاطيهم مع العمل ..
فالعقلية هي التي تحفز السلوك الحقيقي والصادق والسلوك هو من يقود للنتائج الفاعلة.
 
أردت في هذا المقال ،، 
أن أخاطبك " كقائد" وكقدوة .. 
ما مدى وعيك بذاتك ووعيك بمن حولك؟ 
ما مدى تجلي غايتك؟ 
وهل يدرك من حولك ما تنوي فعله وما تريده منهم بوضوح؟ 

سنشرع معاً في هذا المقال على اكتشاف طرائق العقل وأساليبه في التفكير عالي المستوى والمجوّد الأداء .. سنكتشف معاً ملامح الذهنيّة التي يعمل بها القادة الملهمون حول العالم. 

العقليّة التي يملكها هؤلاء القادة تدعى" عقليّة المولّد " أو المُضاعِف ،، والذكاء بالنسبة لهذه العقلية المتميزة يتطور وينمو ويزدهر ويُعدي كل من حوله إنهم يملكون ذكاء بكل الألوان. 
إفتراضاتهم ثرية ونظرتهم غنية ،، عقولهم منقّبة عن مدفونات الجمال وكاشفة عن مكنونات النفس.. جذّابون وجاذبين. 

أكثر ما يميّز القائد المُضاعِف  :
1. عقليتة الجاذبة للإبداع
مغناطيس للموهبة ومسرّع للمسيرة المهنية ينقّب عن العبقرية الفطرية لدى الطلائع الموهوبة وينمّيها ويؤهلها للإستفادة القصوى من طاقتها تجهيزاً للمنافسة والسباق . 
" إنه يوّلد الطاقة .. لا يمتصها "
مهمّته وهمّه تدفّق الطاقة في الموهوب وتنميته وإلهامه كي يتوهّج ،، عكس ما يقوم به القادة المُضعِفون مصّاصي الطاقة ومُطفِؤا الإبداع السّاعين نحو ذبول المواهب رافعين فوق رُفاتهم هياكل إمبراطورياتهم الزائفة.
ولو نظرت في المقابل لمملكة القائد المُضاعف لوجدت في منظومة العمل لديه وظائف جوهرية تستقطب أناساً عاديين يملكون طاقة كافية تحولهم لمبدعين،، فالوظائف لديهم صممت بحرية وبشكل يتناسب مع الإهتمامات والقدرات الفريدة للأشخاص.. حيث يتم تقليد المهام بناءً على الأفكار والطاقة التي يمكنهم الإسهام فيها،، إنهم يفسحون للموهبة طريقاً للتدفق .. وهذا لن تجده في إمبراطوريات العمل الزائفة التي لا تملك سوى هياكل تنظيمية باهتة ومجدولة. 

لقد أدرك القادة المُضاعِفون باكراً أن " الذكاء له أوجه كثيرة " .. وأن العبقرية مُلونة ،، أدركوا أن البطولة تكمن في :
" أن تحصل على نتائج إستثنائية من أناس عاديين "
وأن إختبار حاصل الذكاء يمكن قياسه على الأرض بشكل عملي فنحن أذكياء ولكن بطرق أخرى. 

ولو جئنا للطريقة التي يستخدمها المُضاعفون في إكتشاف العبقرية الفطرية  .. لوجدنا أنهم يلمحون طفرات الحماس الحقيقي للأشخاص ويلاحظون التدفق الطبيعي للطاقة التي تخرج دون تكلّف أو تردد.. يكتشفون بوابات التطوّع التي ينطلقون منها بكل خيريةٍ وحب حين يطرق قلوبهم طارق الشغف. 
وبمجرد أن يلمس القائد وتر العبقرية الفطرية للموهبة يقتنص فرصة " التقليد " وتوظيف هذه الكفاءة في مكانها الصحيح لتتدفق بحرية. 
ويجب أن نعلم أن كل موهبة تقع تحت عين القائد المُضاعِف يتم لمسها واكتشافها بعبقرية بشكل متكرّر ،، يتم وضعها تحت مجهر العناية والإهتمام للبحث في أعماق الموهبة عن المزيد من الكنوز التي تساهم في لمعانها وتوهجها أكثر وأكثر. 
هذه الإكتشافات المتكررة للموهبة تربطها أكثر بالفرص والإزدهار والتقدم فالقائد يسعى دوما " للإستفادة القصوى من العبقرية الفطرية للموهبة" وهذا ما لا يفعله المقلّصون أو المُضعِفون. 
والآن لنلخّص ممارسات القائد مغناطيس المواهب :
١. إستقطاب المواهب
٢. لمس العبقرية الفطرية
٣. الإكتشافات المتكررة للموهبة


2. عقليّة المُحرّر :
ويحدث ذلك عندما يحرر القائد المُضاعف مُقدسات الفِكر ويدحر قوى الإنحياز والخوف والإستبداد الغاشمة داخل التدرج المؤسسي .. فحرية التفكير من حق الجميع. 
يحرر المُضاعفون الأذهان لتتفكّر والخواطر لتتحدث وتسأل والإرادة لتتصرف وتفعل.. 
فبينما يخلق الطغاة والمقلصون مناخاً متوتراً وكابتاً للتفكير ونمو براعم الحلول والأفكار ،، يهيّء المُضاعفون المُناخ لتتداول المواهب حريّة التفكير بحيث تبرز أفضل الأفكار ويولّد الحماس والضغط المدروس فيدور العمل بإتزان وازدهار.

يعتمد القائد المُضاعف على عنصرين مهمين أثناء عملية التحرير الذهني " الإرتياح والتوتّر " وهذه الإزدواجية يمكن أن نطلق عليها ( التوتر المريح ) .. لأن الأصل في عمل القائد هو الضغط على زِناد الموهبة لإستخراج الإبداع الموجّه نحو إحراز الهدف ..
الضغط الممنهج مطلوب لإفراز العبقرية ،، القائد الفذ يولّد الضغط لكنه لا يولّد التوتر.

أثناء عملية التحرير أيضاً يهدف القائد لتحرير وخلق مساحة مناسبة لإسهامات الآخرين تتسع لآرائهم ومشاركاتهم وطموحاتهم ،، الحفاظ على هذه المنطقة الحرة ومقاومة إغراء إحتلالها والإستحواذ عليها يعتبر إنتصاراً كبيرا للقائد.،، ففي هذه المساحة يسمح القائد لنفسه في التدرّب على مهارة الإنصات والإكتشاف والملاحظة .. ويتدرب على تقديم أفكارة بعناية وتركيز على هيئة جرعات صغيرة وفعّالة. 
أكثر ما يميز القادة المُضاعفون انهم مستمعون نهمون ومتعطّشون للمعرفة .." الإستماع يجعلهم يرون بوضوح أكثر "
لقد أدركوا انه كلما قلّ كلامهم زادت حدة بصيرتهم وامتلأ خزان وعيهم . 

وعلى مستوى المشاركات والمساهمات ينصت القادة المُضاعفون بعناية واهتمام إنهم يعملون على فلترة الأصوات وتمييز الحقيقي منها .. يقرّبون الأصوات البعيدة والمضطهدة لتبدو أقرب وأوضح .. يسمحون للأصوات الصادقة والأكثر قرباً للواقع وملامسة للمشاكل أن تتحدث وتتحرر لإستنباط الحلول ومعالجة الأزمات. 
هؤلاء القادة المحرّرون يصرون على التعلّم من عثرات الماضي ،، ويلفت نظرهم أولئك الأشخاص الناجون من حوادث الغرق في وحل الأخطاء والتجارب الفاشلة .. يعتبرونهم أغنياء تجارب ولهم أرصدة باذخة من الخبرة إنهم يساوون الكثير شرط أن يكونوا قد تجاوزوا التجربة وتعافوا من الماضي ببناء الخبرة والتعلّم مما سبق.. هؤلاء القادة يؤمنون بالمحاولة والفشل ويتوقعون الخطأ ويعتبرونه من نواتج التعلّم ويتعامل ن مع هذا كُله بحكنة وبصيرة.. فيوفّرون المُناخ التعليمي لتحويل الخطأ لخبرة ترفع مستوى التفكير وتجوّده وتضاف كحصيلة ورصيد للمسيرة المهنية.. ترفع من قيمة التجربة. 
عكس ما يفعلُه القادة المُضعِفون المقلّصون الذين يتوقعون الخطأ ويقفون على أهبة الإستعداد للإنقضاض على المخطيء. 
المحرّرون يحوّلون الأخطاء لدورة تعلم سريعة، لرفع الوعي وتحسين التفكير في فن التعلم من المشاكل والأخطاء ليولّدوا بذلك أفضل الخبرات ويؤسسوا بحكمتهم شركات نشطة قادرة على الحياة. 
" يرون في الخطأ فرصة للتعلّم ومساحة للنمو وفسحة للتحرك السريع لمواجهة المخاطر والتعامل معها بحرفية " .. إنها الخُردة التي يتم تحويلها لإبتكار. 
واسمع لما قاله " آي. جي. لافلي" المدير التنفيذي السابق لشركة بروكتر آند جامبل :
" تمنّى من موظفيك أن يفشلوا بشكل مبكر وسريع ورخيص وبعد ذلك يتعلمون من هذا الفشل "
إنهم يولّد ن من الأخطاء ( دورات تعلّم مجانية ) تساهم في نضوج الخبرة. 

أيضاً من صفات القادة المُضاعفون للإبداع والمحررون للعبقرية أنهم يتحررون من الحُكم على أفكار الآخرين.. 
في حين أن القادة المُضعِفون الطغاة يجمعون قواهم للعب دور القاضي وهيئة المحلّفين والجلاّد وعقد دورات الإنتقاد والحكم والتهكّم مما يُضعف العاملين معهم يجعلونهم يهرولون دوماً للبحث عن ملاذٍ آمن يحميهم من سوط الجلاّد .. فتراهم يعملون بتحفظ وحذر .. يشاركون الأفكار الآمنة التي تُرضي قائدهم وحسب فيؤدي هذا الكبت لضمور كبير في جذور الإبداع وتقلّص في قامة التفّوق على الغير.. لانعدام المُناخ الآمن والمحفز. 

نصل هنا لثلاث ممارسات مهمة للمحرر :
١. خلق مساحة حرّة لمساهمات الآخرين
٢. توليد دورات تعلم سريعة من الخطأ 
٣. التحرر من الحكم على الأفكار 


3. عقليّة المتحدّي :
في قاموس هذه العقليّة تتردّد هذه العبارة كثيراً:
"لا يكفي أن تلحظ الفرصة وحسب لا بد أن تتعقّبها وتصطادها"
روح التحدّي تحلّق بقوّة في أجواء المُضاعفين الذين لا يعترفون بالمستحيل.. فالمهمّات الصعبة والمعقّدة حين تبدو مستحيلة يقومون بتقطيعها لمهمّات صغيرة وهذا ما يجعلهم يشعرون بأن الأمر يمكن له أن يحدث. 
ما يفعله المُضاعفون لإثارة التحدي وهزّ نزعة الفضول يكمن في طرح الأسئلة المهمّة والمناسبة وحثّ الآخرين على إيجاد الحلول.. فتنمو بصيرتهم وتترسخ قناعاتهم بأنه يمكن إيجاد حل مهما كانت المشكلة. 
مع القائد المُضاعف تصبح العقبات بمثابة " أحاجي " مثيرة. 
قد تكون أعظم إسهاماتك كقائد هي في :
" طرح السؤال المناسب في الوقت المناسب " وترك عملية تكوين الإجابة وإنضاجها في مسرح النقاش. 

القادة المُضاعفون" يسألون " ويحمّلون الآخرين مسؤولية التفكير وإيجاد الإجابة،، 
أما القادة المقلّصون فإنهم " يجيبون" يخبرونك دوماً بما يعرفونه ليشعروك بالضعف ،، وعندما يحدث ويطرحون الأسئلة فإنهم يفعلون ذلك بدافع إرباك الآخر وإثبات صحة آرائهم فيتركون الطرف الآخر في حالة توتر ودفاع يثبّط من فرصة تطورهم وإزدهارهم .. إنهم يوقفون ذكاء الآخرين بجهل.. مستخدمين ذكائهم الأناني فيعطّلون بذلك القدرة الحقيقية لمنظماتهم بإستنزاف الطاقات وإزهاقها.. وإرهاق العاملين في العمل المستمر والمدفوع بالخوف والقلق لمعرفة ما يفكر به قائدهم.. هذه السياسة المستنزفة للجهود تجعل العاملين يشعور دوماً بأنهم حمقى أو مقصّرين. 

على النقيض فإن القادة المُضاعفون يشركون الآخرين في منحهم الذكاء وإستغلال قدراتهم وإبرازها في أصعب التحديات ،،  يعلمونك ما تحتاج إليه ويغادرونك وأنت في حالة تعلّم وتطوّر ونمو. 
تخيّل أن تعمل لأيام وسنوات مع قائد ملهم ومضاعف لمواهبك وإبداعك يحثُّك باستمرار على التفكير بأسئلته العميقة التي تتطلب البحث عن إجابة ووقت لنضوج الحل المناسب،، قائد مُلحّ بدرجة كبيرة لكنه يشعرك بالرضا عن نفسك .. 
قائد يجعلك تكتشف نفسك مرات كثيرة إنه بمثابة مصدر هائل للطاقة والقوة لتنمو وتتطور وتتقدم بكل إمكاناتك وهذا معدي للمنظمة بأكملها. 
عندما يسألون ..فإنهم يذهبون بأسئلتهم لأقصى مدى ويغادرون موقع الإجابة لإعطاء الفرصة للآخرين في البحث والإكتشاف والنمو والتعلم ،، وعند صياغة الحلول فإنهم يأخذون مع كل المشاركين خطوات صغيرة وفارقة لتحقيق إنتصار مبكر أو قطف إنجاز رمزي وسط إنتباه المنظمة بأكملها.. إنهم لا يعملون في العزلة عندما يتعلق الأمر بالإنتصارات بل يجعلون ذلك مرئياً للجميع ليتمكنوا من رؤية النتائج والبدء بالإيمان الذي يجعل كل شيء ممكناً .. هذا الإيمان سيساعد في ترحيل النجاحات بتوازن وثبات ويساهم في نقل الثقل الإستراتيجي لمرحلة متقدمة. 

الممارسات الثلاثة للقائد المتحدّي :
١. يزرع الفرص ويحث على إكتشافها
٢.يظهر حاجته لأفكار الآخرين وحلولهم
٣. يعيد تأطير المشاكل ويشرك الآخرين في ملأ الفراغات


4. عقلية صانع النقاش
يقول جوزيف جوبرت : " من الأفضل أن تناقش قراراً دون البت فيه بدلاً من إتخاذ قرار دون مناقشته" 
إشراك الآخرين في النقاش يعزز من القرارات الصائبة ويولّد ذكاءً جماعياً يدفع العاملين للإنجاز. 
فالنقاشات المثمرة تتطلب نهجاً مدروساً الأمر لا يتم بالمصادفة ،، قيادة الحوار وصياغة جوهرة الإجتماع من أهم مهمات القائد الناجح .. وهذا لن يحدث إلاّ بالإستعداد المسبق وتجهيز مسرح النقاش ، القائد الحكيم يسعى "لصناعة النقاش" لا " صناعة القرار" وحسب.

 هناك ثلاث قواعد لصناعة النقاش :
١. طرح الأسئلة وحسب واعتزال الإجابة أو إعطاء تفسيرات. 
٢. يقوم المحاورون بالبحث عن الإجابة وتقديم أدلة تدعم رأيهم " فثمن الرأي هو الدليل"،، تسمى هذه المرحلة مرحلة تكوين الإجابة وخلق الحلول. 
٣. تأكد القائد من مشاركة الجميع وكبح الأصوات المسيطرة على النقاش ودعوة الأصوات الأكثر خجلا وضعفاً.. ففي أحيان كثيرة قد يكون الصوت الخافت هو صوت العقل التحليلي. 

المُضاعفون في مسارح النقاش يأخذون القلم ليعبّروا عن توجهاتهم وليبدوا أفكارهم ويشاركوا رؤاهم مع الآخرين.. ثم يعيدون القلم مرة أخرى لأصحابه .. لا يضعونه في جيوبهم.. إنهم دائما ما يعيدون المسؤولية لأصحابها.. 
فرق بين أن يلتقط القائد القلم ليظهر للآخرين "ما يعرفه ويخبر به " مستعرضاً ذكائه ومدى فهمه. 
وبين أن يمسك القلم رغبةً في أن يشارك الحقيقة مع الآخرين في سبيل التعلم والنهضة.



5. عقلية المستثمر  :
القائد المُضاعف يعرف كيف يستثمر النجاحات ويحافظ على نبض الحماس .. يعرف كيف يُبقي شعلة الإصرار متّقدة لا تخبو ولا تنطفيء.
مجتهد في تعليم أتباعه التّوق لخوض التحدي وإجتياز القفاري والمحيطات لبلوغ الحلم ،، 
يمدّ فريقه بالموارد اللازمة ويحقنهم بالمسؤولية لتحقيق النتائج بشكل مستقل عن القائد. 
القائد المُضاعف لا يؤدي دوماً دور المنقذ .. بل يعلّم أفراد فريقه وسائل النجاة وطرق الفوز، يحمّلهم مسؤولية إنجازاتهم والإستثمار في نجاحاتهم . 

القائد المستثمر يتعامل مع الفريق كالشريك لا كمالك المكان أو القطيع .. لذا فهو لا يضع القلم في جيبه كل مرة بل يسلمه مرة أخرى ليسمح بالأفكار أن تتدفق والحلول أن تتولد .. هكذا يبدو أنه مهتم ومشارك وليس متحكما فحسب. 
لا يُظهر القائد المستثمر ذكائه الحاد وكفاءته باستمرار .. لأن وجود شخص خارق كهذا يُضعف الفريق ويصيب الأعضاء بالضمور الفكري والقصور الإستجابي للأحداث. 
يعلم هؤلاء القادة أن التدخل المباشر في كل مرّة وكل مرحلة يُضعف .. لذا فهم يتدخلون عندما يستدعي الأمر .. ليسمحوا لفراشة الإنجاز أن تخرج من شرنقتها بكامل إرادتها وحريتها لا يستعجلون في إستخراج النتائج لهذا العالم .. إنهم يحترمون الوقت لتكوين التجربة ونضوج الخبرة. 
" فالسيطرة الكاملة عدوّة التطوير ومعيقة التقدم  " هذه هي الحقيقة التي لا يدركها المُقلصون والمستبدون الذين يولدون العقلية التّبعية الضامرة فكريّاً والمعطّلة ذهنياً. 

أن تصبح قائداً مستثمراً يعني أن تكون شغوفاً " بالنمو ".. النمو الشخصي ونمو الأفراد والشركات.. تنشد الإزدهار بكل المستويات .. متحرر من حب التمجيد.
تدمن النجاح وتعرف كيف تصنع سلاسل نجاحاتك المثمرة مع الفريق .. لا تغيب الموهبة والذكاء بغيابك ولا تخفت شعلة الإنجاز بإنطفائك ،، تظل الأرباح والثمار في حالة نمو حتى وإن أخفتك الحياة. 
تستثمر في الآخرين بطريقة ( تخلق الإستقلالية) للإستفادة من أقصى حد للذكاء وذلك برفع مستوى التحديات تدريجياً وتحميل فريقك مسؤولية أكبر في كل مرحلة. 


في النهاية إن أردت أن تصبح قائداً مُضاعفاً فإن أهم البطولات التي يجب عليك خوضها هي تأمين وشق مخرج وخطة نجاة من الوضع الراهن إلى الوضع المرغوب ،، وأخطر نقطة تحوّل ممكن أن تجريها مع الفريق هي لحظة تسليم القلم وزمام العمل دون أن يشعر فريقك بأنك غادرت غرفة القيادة. 

كل لحظة لقاء مع الفريق هي لحظة نمو وتطور ولمس للإحتياج ،، لا تجعل اللقاءات عابرة ومتطفّلة وعقيمة .


وجّه أتباعك أيها القائد..
نوّرهم ،، ألهمهم .. لا تعطّل تفكيرهم بذكائك الحاد فتصيب عقولهم بالعجز والضمور .. دعهم يتوهّجون ويتطورون يتعلمون ويخطئون ويتقدّمون .. 
غادرهم وهم يتورّدون وينضجون ويكبرون بك ومعك. 


#دعاء_العواودة 
القاهرة 















 
















 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تقنيات التدخل في التدريب

حوار " الآيكيدو "

أنا وشيء من وجع