حوار " الآيكيدو "



تعلمنا على مدى عمرنا أن نقدم جوابا لكل سؤالٍ نُسْألُه ،، لم نكن نعلم حينها أن الاستجابة العاطفية السريعة لأي سؤال تدمّرُ الكثير من العلاقات .

الحياة بشكلها الواسع ما هي إلا "حوار كبير" يجري على كافة المستويات وبكل الأشكال .. وكل شخص فينا يختار هيئة الحوار الذي ينوي إقامته خلال يومه ،، مع نفسه ومع غيرة .. مع الطبيعة مع الكتاب ومع كل الأشياء من حوله. 

إقامة تلك الحوارات تجعلك في مرمى السؤال ،، وشِباك الإستجابة.. ومالم تكن تملك رصيدا كافيا من الوعي ستكون معرّضاً دوماً للهزائم المتلاحقة.

 نحتاج في حواراتنا أن ننسجم ونتماهى ذهنياً مع الآخر ، نحتاج أن تتدفق قوى الأفكار داخلنا لتلمس في النهاية فهم المُحاور ،، وفي فن " الآيكيدو" كل هذا يصبح ممكناً .. حيث تُرشدنا تلك اللعبة القتالية إلى التحرك بذكاء في مواجهة الخصم وتوجيه الطاقة بطريقة تمكنك من ( إستخدام قوة الخصم في قتاله). 

الهدف في هذه اللعبة هو إيجاد حل سلمي دون نزاع ،، اللعبة دفاعية بمعنى الكلمة وتعتمد على قوة الخصم لإنهاء الصراع. وهذا ما نحتاجه في حواراتنا .. نحتاج تطويع قوة المُحاور لصالح ترسيخ التفاهم وفض النزاع وتحقيق التناغم للوصول إلى حُلول سلمية تُساهم في بناء جسور العلاقات وتقدم الإنسانية. 

لذا عليك أن تدرك في البداية ، ماذا يريد الشخص خلف سؤاله؟ ففي الحوارات الهادفة يتم إمتصاص الألم الناتج عن قوة الحوار ودفنه ومحاولة الثبات أمامه مما يؤدي لتغيير إتجاه قوة الخصم والعمد إلى استخدام أسئلة إلتفافية تشتت الخصم وتخلّ من توازنة وتقلل من مقاومته. 

تدرب على عدم إعطاء إجابة مباشرة ، فهذا سيضيّع عليك فرصة المناورة وكسب الحوار .. فعند مباغتتك بسؤال معين أو تقديم إعتراض عليك ،، حاول أن تبتلع قوة هذه المواجهة وأظهر ثباتك ثم طوّع قوة الخصم بقولك : " أنا أتفهم " ما تشعر به وما تقصده .. وكررّ ما قاله بطريقتك الخاصة ثم اطرح عليه سؤالا مفتوحا بالمقابل.


أنا أتفهم يعني " قبول الطاقة " 

تكرار ما قاله " تطويع الطاقة " 

إعطاء سؤال مفتوح  " رد الطاقة " أو " إعادة توجيهها " 

( كرّر سؤالك المفتوح أربع مرات).. وفي المرة الرابعة ستتعرف على " الحاجة الكامنة " لدى الشخص الآخر. 


في (حوار الآيكيدو)  The Conversation aikido... ستتعلم كيف تذهب مكان اللّكمة التي يوجهها لك خصمك تذهب باتجاه الطاقة .. عكس ما يحدث في بقية الفنون القتالية الأخرى مثل الكاراتيه والجودو.

في أثناء العاصفة الحوارية إتجه نحو قلب الإعصار .. اذهب باتجاه خصمك وانظر للعالم من منظوره ،، إقصد قلبه وابحث عن أثبت نقطةٍ فيه " نقطة لا تنال منها العاصفة" وغالبا ما تكون هذه النقطة ( نقطة ضعف الخصم )  .. وتذكّر أن إعطائك جواباً مباشراً في الحوارات المهمّة قد يغلق فرصة الاستماع وفهم ما يجري في عقل الشخص الآخر ونواياه . 


#دعاء_العواودة 

القاهرة 






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تقنيات التدخل في التدريب

أنا وشيء من وجع