اللقاح.. بين الوهم والإدراك


في ظروف إستثنائية ك تلك التي يمرّ بها العالم ،، من الفطنة أن تسعى بشكل حثيث إلى " رفع مناعتك " .. المناعة هنا لا تعني مناعتك الصحيّة وحسب ،، بل تعني بالمقام الأول مناعتك العقلية ( وعيك ) .. الذي يسطر بقوة على " مصيرك البيولوجي".

ففي مبادئ الفيزياء الكمية يقول لك المبدأ الأول أن : " الوعي هو من يخلق التجربة " .. وعندما تدرك أن تجربة حياتك يحركها وعيك الذي يؤثر بشكل مباشر على كيمياء دماغك وبالتالي ملامسة جيناتك وتصرفاتك وشخصيتك.. حينها ستعلم كيف تتحكم أفكارك ومشاعرك في" حالتك البيولوجية". 

إسمع لما يخبرك به علم الوراثة : يقول هذا العلم أن جيناتك تتحكم بحياتك ،، وتعتبرك أيها الكائن " ضحية حمضك الوراثي".. ولكن هذا لا يوافق الواقع بشكل دقيق. 

لتظهر بعدها علوم التخلّق : التي تقول بأن البيئة بمقدورها التحكم في جيناتك.. وأن وعيك بهذه البيئة هو ما يتحكم بحياتك... لذا إن قررت تغيير بيولوجيا جسمك فما عليك سوى " تغيير وعيك " لست مضطراً لتغيير جيناتك على الإطلاق. 

إسأل نفسك الآن إذا كانت ملايين الخلايا تموت وتغادر جسدك كل يوم ، كيف ستساعد جسمك على إنتاج خلايا تعويضية تحل مكانها؟؟ 

هذا السؤال يقودنا لفهم " سيكولوجية الخلية ".. فإما أن تكون هذه الخلية في حالة (دفاع أو نمو ) .. إما أن تتفرغ لمواجهة الخوف وإما أن تنشغل في تنمية نفسها.. لا يمكنها التقدم والتراجع بنفس الوقت،، إما أن تنكمش في حالة الخوف أو تتفتح في حالة الإرتياح. 

في النهاية الخلية لا تعمل لوحدها بل تعمل ضمن شبكة معقدة تدعى" مجتمع الخلايا " والذي يشكل الكائن الحي.. هذا المجتمع يستجيب للنداء المركزي (صوت العقل) إستجابة عمياء وفي هذه اللحظة تتخلى الخلايا عن ذكائها وتستجيب لذلك النداء الفوري للهروب أو المواجهه.. والعكس صحيح فهي تستجيب أيضا إذا أصدر ذات الصوت أمرا للنمو والحياة. 

ولتقوية تلك الخلية ودعمها علينا أن نطوّر بناء جهازنا المناعي وذلك بثلاثة أمور :

*التغذية.  *المكملات. *الأفكار الإيجابية. 

وأنا هنا لأحدثك عن الأمر الثالث ألا وهو " قوة الأفكار الإيجابية" التي تحثّ هرمون النمو على العمل والإنتاج .. ويمكن أن نرى ذلك جلياً عندما نقع في الحب .. ذلك الشعور الذي يحفّز هرمون الدوبامين المسؤول عن السعادة والنشوة أن يُفرز في الجسد فتشعر أن كيمياء الحب تجعلك أكثر صحة ونضارة وإشراقاً بل ورغبةً في الحياة.. فينشط الجهاز المناعي لديك وتعمل الغدة النخامية بجد وشغف لإنتاج خلايا فتيّة وقوية. 

على عكس ما تقوم به الأفكار السلبية التي تسمح لهرمون الخوف والتوتر أن يستبيح خلايا جسدك ويثبّط عمل جهازك المناعي ويوقف بتعسّف عمل غدتك النخامية في إنتاج خلايا تعويضية. 

إن كان يومك مليء بالضغوط فإنك تسمح للهرمونات السامة أن تعبث بجسدك وتساهم في توقف نموك وذبول فتوّتك ستبدو شاحباً هرماً قبل الأوان فجسدك في حالة تأهب مستمر للهروب أو القتال..وهذا بدوره ما يسمح لتلك "الكائنات الإنتهازية" من فيروسات وفطريات وجراثيم أن تستعمرك وتجعلك عرضة للمرض مع غياب وانشغال جهازك المناعي في الدفاع بدل التعمير والنماء. 

البيئة حولك تجعلك عرضة لهذا كله ولكن لا يجب أن تقف كما أنت وتستسلم للظروف،، عليك أن تفعل شيئا حيال ذلك وكل ما بوسعك عمله هو" رفع وعيك" والأخذ بيدك إلى شاطئ السلام الذي تحدثنا عنه في المقال السابق. 

دعونا الآن نلقي نظرة على " الإدراك " عندما يواجه تهديداً خارجياً ،، يستلم العقل الإشارة عبر غدة مسؤولة عن تفسير الإدراك وتدعى (ما تحت المهاد).. ثم يرسل العقل إشارة للخلايا ليخبرها أن البيئة غير ملائمة ويدعى هذا النظام (محور الغدة النخامية) أي الكظرية ،، وبدورها ترسل تلك الغدة إشارات عاجلة إلى " 50 تريليليون" خلية للهروب أو المواجهة .. هذه الإشارات عبارة عن هرمونات التوتر (الأدرينالين) وأول شيء تفعله في الجسد هو زيادة تركيز الدم في الساقين والذراعين مدعاةً للهرب أو القتال .. ولكن: هل سألت نفسك أين كانت تلك الدماء قبل ضخها للساقين والذراعين؟ لقد كانت في الأحشاء تقوم في مهامها من " نمو، وحماية، وصيانة" وبمجرد إستنفار تلك الدماء ومغادرة مكانها ستنخفض قدرتك في الحفاظ على نفسك وستهبط مناعتك ويُثبّط نموّك. 

والآن عليك أن تدرك أن التوتر الدائم من أهم مسببات المرض،، والتوتر إما أن تصدّره لك البيئة ويكون لديك إستعداد لاستقباله.. وإما أن يكون نتيجه أفكارك السلبية.. 

وهنا عليك أن تتذكر أن الأفكار ما هي إلا معتقدات تبنّاها الدماغ وتلك المعتقدات لا تقوى إلا بوجود إيمان يدعمها .. لذا إن أردت أن تغيّر أسلوب حياتك تعامل مع جذور تلك الأفكار التي يقف خلفها المعتقد المدعّم بالإيمان ،، وأول شيء تفعله حيال تلك الأفكار السلبية والمعتقدات المكبِّلة وغير الخادمة هو أن " تكفر بها " وتنقض إيمانك بمدى مصداقيتها .. في تلك الحالة ستصبح حراً لا تعبث بك الظروف ولا يلعب بك الإعلام ولا تضغطك الأخبار أو تزعزعك المواقف. 

عندما تستبدل كل ما سبق بإيمانك المطلق بالله وتقوِّى عقيدتك وتُرسِّخ فكرة أن الله هو حاميك وهو رازقك وهو كافيك ومؤيدك.. صدقني ستتحسن صحتك وتتيسر أمورك ويقل توترك. 

إعلم أن مع إيمانك بالله وصدق يقينك ستتمكن من " إعادة كتابة شفرتك الجينية".. فلمّا كان الإدراك هو ما يُشكّل العقل فإن إيمانك وإعتقادك هو ما يجعل الدواء شافياً بإذن الله.. لك أن تتخيل كيف " لفكرة " ملقّحة بالإيمان وسلامة المعتقد بإمكانها أن تحييك .. وكيف لفكرة ملوثة بالخوف وعدم اليقين يمكنها أن تقتلك .. فعن أي لقاح يتحدثون . 

دعوتي إليكم قُبيل أن تتلقّحوا .. أن " حلّقوا " في مدارج الوعي والإدراك ،، واللّبيب من الإشارة يفهمُ👌.




#دعاء_العواودة 

القاهرة 









تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تقنيات التدخل في التدريب

حوار " الآيكيدو "

أنا وشيء من وجع