أما آن لسلطانك أن يُتوّج

في غُرفِنا المغلقة ،، لا حديث يعلو فوق حديث الروح .. ولا كلام يطفو فوق ثرثرة النفس .. فأصدق الحكايا هي تلك التي تخلو بها مع نفسك .. وتحدّث بها شغاف روحك .. ولأن حوارك مع الذات عمييق وبالغ  ..  فإني أدعوك بأن تُورِد خيل روحك لينهل من ينابيع تلك الأسئلة النضّاحة بالاستفهامات لعلّها تروي شيئاً من ظمأك .. وسؤالي لك:

من يحكمك الآن ؟؟

من يستولي على منافذ روحك ويمرر منها ما شاء من بضائع ؟؟

من يعتلي عرش عقلك وينهَى ويأمُر ؟؟

أين يمكث سلطان وعيك اليوم؟؟

أتُراهُ في سدّة الحكم .. أم حبيساً .. أم مُهجّر؟.. 

وريثما يهدأ رنين تلك الأجراس التي قرعتُها لك في معابد النفس باحثة عن صدى الإجابات ،، 

تخيّل لو أنك ترتع الآن في ربوع وطنك،، تمارس دورك الذي قُدّر لك .. وفي غفلةٍ منك تجد الأعداء يداهمون أرضك .. ليعتلي العرش حاكمٌ زائف .. ويحتل الغرباء كل ممتلكاتك .. ولينتزع صوتٌ مجهول التّعبير من بين شفتيك فيتكلّم بالنيابة عنك ، وبينما أنت كذلك يشدّك هُتافٌ غير مألوف في الطّرقات .. وشعارات دخيلة تُرفعُ فوق الهامات.. وبين كل هذا الهراء ترى علم  بلادك يُنكّس أمام ناظريك ..

قلّي بربّك ما حجم " الغُربة " التي ستملأ صدرك حينها .. وأي سماءٍ ستتّسعُ لصرخة القهر الحبيسة بين أضلاعك ؟؟ 

صدقني ،، لا غُربة أقسى من أن تعيش حياة لا تعبّر عنك ..أو لا تضيف لك .. لا أقسى من غربة لا تمنحك فرصة الإلتقاء بأجزائك المتبعثرة .. لا أقسى من أن تمارس دورا ليس لك .. أو أن تختبئ في قناعٍ لا يمثّل حقيقتك ،، ليس ثمّة غربة أقسى من أن تعيش في وطن .. حاكمه لا يمثّلك. 

هذا ما يحدث  ،، عندما تُولّي زمام أمرك لمن لا أمر له عليك ،، عندما تُضحّي بوعيك لتتبنّى قضيّة خاسرة .. عندما تسلّم رقبة " إدراكك " لصانعي محتوىً زائف .. ممن يتصدرون المشهد العام بفكرٍ خاوٍ .. وبوقٍ مُجنّد. 

هذا ما يحدث عندما يحكمك غيرك من دون أن تشعر،، فيخطب بك رئيس الدولة المجاورة .. ويملي عليك حاكم القّارة التي تشاطرك الحدود .. ويؤثّر عليك من يملك سلاح العلم وذخائر المعرفة ،، ولأن سلاحك منزوع.. وقطاع ذهنك محتل .. ودرعُ ردّك مكسور .. تجد نفسك قد قبلت بالوضع على أنه من المسلّمات . 

ولو مرّ بك أحد الأحرار الزائرين لأرضك ليسألك ...

أين هو حاكمك الشّرعي؟ لتعثّرت بالإجابة .. كما تتعثّرُ بسلاسل المدرّعات الفكرية والأرتال الثقافيّة الدخيلة عليك والتي تسيطر على عقلك وتعيثُ فيه . 

وأنا من هنا ،، من هذه المساحة الحرّة أهيب بك أن تستردّ أرض وعيك وتحرّر عقلك .. وتُعيد تتويج سلطان روحك .. فأنت الحاكم عليك ،، أنت المتصرّفُ بأناك كما أراد الله لك،، عُد إلى قُمرة قيادتك فاتحاً .. فأنت وحدك من يستحق أن يملك زمام أمره .. ولأنك الحاكم على مساحات أفكارك الفسيحة ،، وأميال تطلّعاتك الشاسعة.. ولأنك المسؤول عن أعضاء جسدك ،، والمُوقِّع الوحيد على اختياراتك الطليقة .. فإن روحك الهائمة تهوى أن تسمعك .. وتقرأ عليها خطاب النصر بصوتك .. تحب أن تسامرها كلما خلوت بها .. فتحدّث ذاتك بما يقويها وتزودها بما يُحيِيها ..

آهٍ ،، لو تعلم كم تحتاج نفسك بأن تخبرها بمدى صمودك ووقوفك معها،، فتعينها على ما يرفعها ويُغليها.. تعلّمها على أن تألف العزة وتعتادُ الشموخ بالفكر .. والعلوّ بالروح ،، تُفقّهها بما لها وما عليها .. لتكون عصيّة على كل من تسوّل له نفسه على استباحتها. 

فلا تتأخر أيها الملك عن مراسم التتويج ،، فلن يقدر على إدارة ذاتك سواك .. أقْدِم .. فأنت الأحقُّ بالحكم. 


#دعاء_العواودة 

#القاهرة 











تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تقنيات التدخل في التدريب

حوار " الآيكيدو "

أنا وشيء من وجع