نقل الرؤى.. ومبدأ الإلحاح

 




يحدث ... 

أن تكون لديك رؤية قوية وحماس عالي وخطة ناجحة لكن مع ذلك كُله.. تخفق في تحقيق الهدف .

يحدث هذا للكثيرين ممن راودتهم الأحلام يوماً وداهمتهم الرؤى وسبحوا في فلك الإستراتيجيات وأحكموا حزام الخطط ..بل وأشعلوا من لهيب حماسهم أمسيات خيالهم الجامح. 


قد تستغربون .. عندما أقول أن الخلل لا يوجد في الرؤية ولا في الهدف المختار ولا حتى في الخطة المسبوكة ..

الخلل .. يكمن في عملية " نقل الرؤية "وتشكيلها أثناء عملية السير لتحقيقها.. والعامل الأساسي في حدوث هذا الخلل والإخفاق.. هو " فيروس التغيير " الذي يطرأ على كل مرحلة من مراحل عملية التقدم نحو الهدف. 

كيف نتعامل مع هذا " الفيروس" ونتكيف معه بطريقة لا تجعلنا نتوقف بل نكمل حتى لو كانت خطواتنا مرتجفة ومتخبطة. 

هناك العديد من طرق الإستشفاء وبنود العلاج .. من أهمها :

1. " إثارة الإحساس بوجود ضرورة مُلحّة " بالذات في الخطوة الأولى لعملية التغيير .

دائما البداية تكون مكلِفه وتحتاج لإستعداد قوي للتضحية " بالمغريات والعادات المثبطة للهمّة "  تحتاج لإستعداد نفسي وعقلي وجسدي لتقنين وترتيب فترات الراحة حسب ما يمليه عليك هدفك.

 ( التغيير ) .. يتطلب أن تذهب لأبعد من مجرد " تلبية نداء الواجب الطبيعي" .. إحداث الأثر وتحصيل المراد يتطلب أكثر من ذلك.

ففي ظل ارتفاع " مستوى التهاون " عادةً ما لا تؤدي التغييرات لأي شيء الأمر يتطلب لمُثير قوي بوجود " ضرورة مُلحّة ".


استيقظ كل يوم وأنت تحمل على عاتقك مهمة تحقيق هدفك ..هدفك اليومي الذي يعتبر جزءا من هدفك السنوي والذي يعتبر أيضا من حزمة أهداف العمر التي اخترتها لنفسك.

وإذا جئنا لأسباب " التهاون " التي تعمل على إكساب الهدف لوناً باهتاً منزوع الإثارة وخالياً من الحماسة والشجاعة والجرأة على الإقدام .. لوجدنا أن مصادر هذه الأسباب تأتي من عدة أبواب وكلها تؤدي لتدنّي الإحساس بوجود ضرورة مُلحّة.. أولها :

١. عدم وجود أزمة كبيرة وملموسة. 

هذا ما يورّث الإسترخاء التام والقعود السلبي عن الاستمرار في تحقيق الهدف.

دور الأزمات مهم في حياتنا نحن " كبشر " خلقنا من مادة الماء والطين ..ففي أصل خلقتنا نحن محكومون بالأرض ونميل للكسل والالتصاق بالأرض كمادةٍ جبلت منها فطرتنا نحتاج بين الحين والآخر أن تحفزنا شوكة الأزمات للنهوض والعمل وإعمار الكون ..

العمل بالإمكانات القصوى .. يتطلب جهدا وإدارة من قبل شخصٍ لا يركن إلى سطوة الواقع ولا يتشبث بالوضع الراهن..

الأمر..يتطلب ثورة شجاعة يقودها محارب يستجيب للإستفزاز بحكمة وقوة وبسالة.

الجمود والتخلّف الإداري والعقلية الرجعية تجعل مواصلة السير نحو الأهداف وعملية "  نقل الرؤية " أمراً شاقّاً ومتعباً فالذين يتعاملون بنظام " الإستراتيجيات قصيرة المدى"ويستعملون نظام الجوائز الفورية ويعتمدون في مسيرة حياتهم المهنية على وجبات المكافآت السريعة كوسيلة للتخدير  يفشلون في الصراعات الطويلة..

ولا يصمدون أمام تقلبات الزمن وفايروسات التغيير التي تطرأ على المجتمعات والمنظمات وعلى العالم بأسره

الأمر أكبر من ذلك...

كل أزمة تواجهني كفرد أو منظمة يلزمني أن أتعامل معها كمرض خطير أستعد لمواجهته بعتاد نفسي وعقلي وجسدي يكفيني لأعوام .. لا أواجهه بالفتات وأهدؤه بالمسكنات ..لا أتعامل معه كمنخفض مناخي يكفي لمواجهته قطعة من الصوف أدثر فيه ما يعتريني من البرد .


قد يتطلب " الحدث ".. أكثر من ذلك؛؛

قد تكون الأزمة" فصل كامل من الشتاء "يتطلب منا الإستعداد له بما أوتينا من عدّةٍ وعتاد..

فنبقى في حالةٍ من التنبُّه والتيقُّظ الإستراتيجي والإحساس المستمر بوجود ضرورة مُلحّة ..تجعلنا متأهبين للانتقال للبند الثاني من بنود التغيير ..

ألا وهو :

٢. " إنشاء التحالفات الخاصة بالتغيير "

وينشأ عن تكاتف فريق قيادي قوي بما يكفي لتوجيه دفة التغيير.. ففي التغييرات الحاسمة والكبيرة بالذات في المؤسسات والدول .. فكرة " البطل" أو " الفردية " في إحداث التغيير  فكرة مضللة وإعتقاد خطير.


من الصعب جداً إحداث التغيير الكبير  إعتماداً على طاقة فردٍ واحد ..من الضروري أن تكون هناك( قوة عظيمة ) ساهمت في إحداث هذا التغيير وشاركت في وضع الرؤية ونقلها وإزالة العقبات ومخلفات الصعوبات وشق طرق النجاح وتعبيدها وترسيخ المفاهيم الجديدة وبناء الثقافة وتمجيدها.

( التحالف ذو التكوين الصحيح ) قوة جبارة في إحداث التغيير.. 

في التغييرات الكبيرة والجذرية هناك شيء اسمه .." بطولة "لا نركّز فيها كثيرا على بطل بعينه فالفرديّة هنا مقيتة. 

البطولة ... دور رئيسي ومبهم لا يحصر المهمة في شخص بعينه بل هو رداء يمكن أن يرتديه فريق بأكمله ..كل من شارك في نقل الرؤية وإحداث الأثر " بطل "

البطولة .. وصف للشجاعة النادرة وشدة البأس والصمود أمام الأخطار .. وهذا ما يمكن أن تُصبغ به روح الفِرَق والتحالفات القوية بقيادة حصيفة.



#دعاء_العواودة

القاهرة 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تقنيات التدخل في التدريب

حوار " الآيكيدو "

أنا وشيء من وجع