استراتيجية خلق الأزمات


" سياسة خلق الأزمات " ..
( من الصدمة إلى البصمة )

بدايةً ..
دعونا نتساءل كيف يمكن للقائد اسقاط نظرية خلق الأزمات إداريا ؟؟

في الحقيقة .. يأسرني كثيرا الحديث عن نهضة اليابان وحضارتها التي أزهرت من رحم المعاناة والألم ..
لقد مرت اليابان بالعديد من الأزمات والنكسات إلا أنها خرجت منها معافاه وقوية .. تلك الأزمات ألهمت قيادتها في بناء النهضة وتشييد الحضارة .. وهذا ما يدفعني إلى أن أقول أن *الأزمات أم الحضارات* على غرار *الحاجة أم الاختراع* ..

 اليابان مثال واضح وواقعي يدلل على أن الأزمات يمكن أن تصنع حضارة عريقة ... وها هو تاريخنا الإسلامي يمتليء بنماذج أعمق وأعظم أثرا وأكثر عبرة ...

فلو تأملنا ما حدث في اليابان فسنرى أن هذا البلد استطاع أن ينقل معاناته من *حيز الأزمة إلى حيز الرخاء* .. عبر يعاسيب العمل والإنتاج المتمثلة بالفرق المتحدة والمثمرة ..

الأزمات التي مرت بها اليابان ..
ساهمت في تكوين نسيج المجتمع الياباني الذي اتّخذ شكل *خلية* متكاملة يستعصي تفكيكها .. فالأضلاع المكونة *للبلورات السداسية* الحاملة للعسل هي ذاتها المتممة لبقية أضلاع البلورات المسدسة ..

*نسيج ترابطي عجيب يحاكي عبقرية النحل* 🐝  في إدارة العمل المتقن وتجربة اليابان تستحق منا التأمل لبناء منهج تطبيقي في فن تحويل المحن إلى منح ..

ولنا في قصص الناجحين عبرة .. فكثير منهم *توفّق للنجاح* بتوافر عناصر نسيجية هي :
* وعي وإدراك
* قيم
* إبداع
* إرادة
* تآزر
* أزمة

فكلما توافر الإبداع مع الإرادة والإصرار في وسط متأزم مع التآزر وفي إطار من القيم *صنعنا نجاحا مثاليا* 👌🏻

واسأل الشعوب التي ناضلت لاسترداد مجدها ؛ كيف تحولت مع الأزمات إلى شعوب مبدعة وصاحبة إرادة فتمكنت من مواجهة أزماتها بجدارة وتعايشت مع واقعها بطموح فدفعت بعجلة الإنتاج وبناء الحضارات 🇵🇸

المثير للسؤال اليوم ؛؛
*هل نحن في أزمة ؟؟
هل نحن في حاجة إلى أزمة لنصنع نجاحنا ونبني تميزنا؟
هل نشعر بأننا في خطر  ؟
هل تعليمنا في خطر؟
صحتنا ؛ اقتصادنا ؛ قيمنا ؛ صناعاتنا هل هي في خطر؟؟

هل نشعر بأزمة فيها ... هل لدينا *شجاعة المواجهة والاعتراف بالخطر* ... كيف يمكننا  مواجهته ؟؟
هل لدينا *الابداع الكافي* للتعامل معه ؟
هل نتقن *التآزر* فيما بيننا لنتجاوزه ؟
أين *قيمنا* في منظومة إدارتنا ؟
وهل نملك *الإرادة* لننتقل من *حيز الأزمة إلى حيز الرخاء* ؟

أسئلة كثيرة تدور في ذهني كما تدور في أذهانكم ؛؛ فإذا لم يتوافر التحدي .. ستتراخى الهمم وسيعشش الكسل وستنمو البلادة في كل مكان كشجرة الزقوم .

هل تعلمون .. أن " الأزمات " فرصة للتميز ؛؛
وحسن توظيفنا لها وابداعنا في طريقة حلها .. سيخلق طريقة جديدة للحياة وأسلوب جديد تتشكل معه ملامح الحضارة.

عندما ..
ننظر للأزمة على أنها *فرصة* للتعلم والتطوير واعادة التموضع ستتغير معها الكثير من الامور ..
تعتبر سياسة خلق الأزمة من استراتيجيات القائد لإحداث التغيير السريع  ؛؛ فكم لتلك السياسة من قدرة على صناعة الفرص المساهمة في التطور والتحسين وخلق " رجال المرحلة " ..

في الأزمات يمكنك أن تتقدم بسرعة أكبر وتحقق نتائج أعظم وأعمق ؛ إن تمكنت من التعامل معها بشكل صحيح ..
مع الأزمات يُصنع الإلهام وتقوى الإرادة وتشتد العزيمة والإصرار وتنمو رغبة التميز والنجاح والتفوق ؛ في الأزمات تعرف صديقك من عدوك .. فمعها تتساقط الكثير من الأقنعة وأوراق التوت .

أن تخلق أزمة في منظمتك أيها القائد فهذا يعني أنك ستكتشف العديد من الأبعاد السلوكية والنفسية والأخلاقية لدى أتباعك وهذا سيتطلب منك أن تقف عندها وتتأمل وتتساءل !!
لتتخذ قراراتك الهامة في التصحيح والتقويم .

الوعي مع وجود أزمة هو ما سيحدث نهضة وهو ما سيبني ملامح الحضارة ويجعل طاقمك في حالة يقظة وتأهب دائمين ..

دعونا نتساءل ؛؛
لماذا نقول للقادة عليكم بخلق الأزمات ؟؟
هناك عدة اجابات تجعلنا نتأمل هذا الفن البديع في القيادة  ..

من أهم تلك المنافع رفع مستوى الوعي والإدراك لدى فريق العمل وزيادة التأهب والاستعداد واليقظة لمواجهة كل الاحتمالات ؛؛ وهذا يسمى في علم " ادارة الأزمات " ..
*تحفيز الأزمة*
ومن أهم الفوائد التي يمكن جنيها من سياسة " خلق الأزمات " :

1. توليد الخبرات
2. تحليل وقياس الخلل
3. الحسم السريع وتعجيل التغيير
4. اكتشاف قيادات جديدة
5.كشف المناصرين من الأعداء
6. إعادة بناء الإجراءات
7. التضحية
8. شغل طاقات ..
كما أن هناك فوائد وايجابيات لخلق الأزمات إلا أن هناك بعض الخسائر أجملها بعدة نقاط :

1.حدوث خسائر على المستوى النفسي والمادي
2. استبعاد اعضاء لم يكونوا متميزين في التعامل مع الأزمة مع أنهم أكفاء وفاعلون في أعمالهم.
3. ردة فعل العاملين قد تترجم باهتزاز الثقة بالمؤسسة.
4. قد يحدث تأخر في تحقيق الأهداف
5. قد يحدث امتداد الأثر لخارج المنظمة
وبخاصة إذا استخدم هذا التكتيك في غير وقته أو بطريقة غير مدروسة أو مع العينة الخاطئة.
6. الأضرار الناجمة عن فصل موظفين وتأثر عوائلهم .
7. آثار تشويه سمعة المنظمة

لذلك سميت أزمة ..
لأنها تباغت وتفاجيء من تقع عليهم إنها ..
 " *اللحظة الحرجة ونقطة التحول*

في سياسة خلق الأزمات هناك بُعد  ..
مهم وخطير يندس في ثنايا هذه السياسة ؛؛ بُعد عميق لا يلحظه إلا القادة في غرف التحكم الداخلية والتي يتم بها طهي تلك الأزمات ؛؛
عادة تتضح الغايات الكبرى لواضعي سياسة المنظمة حول سبب " خلق الأزمة " والهدف من إحداثها .

" خلق الأزمات " في منظمات الأعمال .. فن له رواده وله أصوله ومعاييره الواجب توافرها في بيئة العمل لملاءمة استخدام هذا التكتيك ..
فالمعايير والتوقيت المناسب ؛؛
يحدده القائد وهو أول من يستشعر بانحراف دفة السفينة وضرورة ارجاعها لمسارها الصحيح عبر إجراء تعديل وتصحيح إجرائي *مباغت* و *حرج* لإحداث التحول المطلوب .

ومن أهم أسس صناعة الأزمات ؛؛
أن تبقى الأزمة أزمة ؛؛ ولا تتحول إلى كارثة ..
بمعنى ؛ أن يكون مع الداء الدواء الشافي ..
لا نترك " الصدمة " حاضرة لوقت طويل بل يجب امتصاصها بإيجاد الحلول وتقويم الخطأ .

لأن ترك الأزمات مفتوحة يعتبر أزمة تضاف لحزمة الأزمات فنصل بالنهاية إلى ما يسمى " بالكارثة " .

و *الكارثة* :
" هى حالة حدثت فعلا ؛؛ وأسفرت عن العديد من *الخسائر فى الموارد* البشرية والمادية .. إنها نتيجة *لتراكم العديد من التأثيرات* ، أو حدوث خلل مفاجئ ، يؤثر فى المقومات الرئيسية للنظام .. وتشكل تهديدا صريحا ؛؛ واضحا لبقاء المنظمة أو النظام نفسه .

وكما نعلم فإن الأخطاء تنقسم لنوعين :
1. *خطأ إجرائي*
2. *وخطأ إهمال*
والكارثة تحدث نتيجة خطأ الإهمال التراكمي .

لنتذكر أن ؛؛
صانع الازمة هو اكثر الناس خبرة في حلها هذا من جهه ؛ أما صانعي الازمات من خلال الغباء الاداري والقيادي فلا يمكن ان يملكوا حزمة الحلول فضلا عن ان يملكوا زمام الحل .

لذلك تجد أن صانعي الأزمات هم الطهاة ؛؛
وهم أيضا الذواقين فمعهم كل الحلول الجاهزة لانهاء الأزمة ..

فمع اختلاق أي أزمة ..
يتم رسم سيناريوهات *متكاملة* لكافة الاحتمالات المتوقعة ..
 ( هذه الخطوة تلي وجود أزمة ) ..
مع تكوين *بيئة تلقائية* تقوم على" الاستجابة السريعة " للأحداث المفاجئة ؛ والمتسارعة ..
وهذا ما يتيح لموجهي الشعوب التحكُّم بها ؛ عن طريق *اختلاق أزمة* ، *وتسيير الحل* حسب إحدى سيناريوهات موضوعة مسبقًا ..
لا تخرج عن الأهداف المرجوة من الأزمة المُصطنعة .

اختلاق الأزمة يكون تحت ظروف مدروسة ومحكمة لتحقيق أهداف محددة في ظل بيئة خاضعة للتحكم والسيطرة ؛ لدراسة مدى توافق البيئات ؛؛ وتناسب الحل مع الظروف الداخلية وبيئة العمل ؛؛
وإجراء التعديلات اللازمة قبل التطبيق ..

ختاما ..
مفهوم خلق الأزمات من المفاهيم الجديدة التي نحتاج إليها خصوصا في وقت التحولات الاقتصادية والثقافية وفتح فضاء من الأجوبة لكثير من الأزمات الي نمر فيها خصوصا في وقت التحولات الاقتصادية والثقافية وفتح فضاء من الأجوبة لكثير من الأزمات الي نمر فيها .


بقلم ..
دعاء ابراهيم العواودة
مدربة ومستشارة تطوير قيادات
twitter:@doua7777
Email : deos777@gmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تقنيات التدخل في التدريب

حوار " الآيكيدو "

أنا وشيء من وجع