الأُلفة الذهنية مع الأهداف




هل جرّبت أن تُصاحب فكرة؟ أو أن تخطب ودّ حُلم يراودك؟ هل فكّرت أن تُنشيء علاقة مع مستقبلك؟ أوتخرج في نزهة تأملية مع عقلك؟
كم مرّةً خلوت بطموحك؟ وسهرت مع مخيّلتك؟ وسرحت بخواطرك؟
حسنا دعك من هذا كله وأخبرني كم مرة شعرت بالغربة وأنت تتحدث عن أهدافك ؟ كم مرّة أحسست بأنها بعيدة عنك أو أنها لا تشبهك؟
إن أملت برأسك وبدأت تعُد وسبق لك أن عشت تلك التجربة فاسمح لي أن أواري لك جزءا من باب المعرفة لتفتش فيها عن ضالتك .. اسمح لي أن أساعدك لعلّك تجد خلف ذلك الباب شيئا من الإجابة ، أو لربما تتعثر بدليل يقودك إلى حلٍّ يجمع شتات روحك  .. دعني أخبرك أيها العابر أنني قد عانيت يوماً من " غربة الأهداف " وتعرضت للسقوط في فخ " الفجوات الذهنية " تلك الحفر التي حالت بيني وبين تحقيق أهدافي وعززت لدي الشعور بالغربة عن مستقبلي الذي كنت أحلم بالوصول إليه.

لم أكن أعلم حينها أنني كنت أعيش الغربة في ذهني وعلى أرضي وبين بُنات أفكاري .. إلى أن اكتشفت تلك الثغرة التي نخرت في مخيلتي .. لأتعرف حينها على مفهوم " الأُلفة الذهنية " والتي تُعنى بضخ شعور الاعتياد لكل ما ترنو في الحصول عليه ..
أدركت أن الهدف الذي أنوي تحقيقه يتطلب مني أن أتآلف معه واعتاده ذهنيا كي لا يهابه عقلي ويجهل أبعاده ويتعامل معه على أنه أمر خطير وغريب تجب مقاومته والتصدي له .
دعني أوضح لك ما أقول بمثال يُلملم ذلك كله.. فإن كنت مثلا من الأشخاص الذين يطمحون للثراء لكنك تتعرض لإخفاقات مستمرة في نجاح مشاريعك وتعيش حالة من الالتزامات المادية المرهقة وشعور بعدم الأمان المالي .. وأثناء سعيك بدَأَت تراودك وحشة الطريق المؤدي للثراء كضريبة لخوض تلك الرحلة المُترفة ..

و لأنك تريد الخلاص من هذا كُلّه فإنك دائم البحث عن مخرج يسعفُك .. 
والآن ما رأيك أن تقف قليلا لتعيد حساباتك مع نفسك وتبحث في فوضى الروح عن تلك الأسباب التي تعطّل وصولك .. 
إن أردت أن يتبدّل حالك وتتغيّر نتائج تطلعاتك عليك أولا أن تبدأ (بإعادة بناء ذهنيتك) وذلك "بتفعيل آلة الخيال وإدارة خزان الشعور " . 
فقد تكون من الذين يسعون للثراء خارجيا بفعل الأسباب المادية والملموسة لكن على مستوى اللاوعي تجد أن شعورك الداخلي يقاوم ذلك الهدف ويحاربه ،،
فلربما لا زلت تحمل بين جنبيك تلك الصورة الذهنية القديمة عن نفسك والتي ترى فيها بأنك لا تستحق الثراء وتتبنى فكرة الخوف من تبعاته النفسية والاجتماعية.. لربما لا زلت تحمل ذلك المعتقد غير الخادم في كون الأغنياء متكبرون والناس لا تحبهم .. أو لربما انك تظن داخليا بأن الأثرياء غير سعداء وأن المال لا يشتري راحة البال أو أن النقود هي وسخ الدنيا الذي يتعارض مع القيم المُثلى .. وغيرها من المعتقدات الذهنية المكبّلة..
صدقني هذه الأفكار هي من تصنع الفجوة بينك وبين تحقيق هدفك ويعزز لديك شعور الخوف والغربة . 
وحل تلك المعضلة لا يكون إلا بتفكيك تلك العُقد التي تتشكل على هيئة معتقدات وتفتيتها عن طريق تقنية  تسمى" نسف المعتقد"  تحطّم فيها كل الأدلة الداعمة لتلك الفكرة المخربة واستبدالها بأدلة أخرى تدعم الاعتقاد الجديد. 
ولجلب تلك الأدلة أنت بحاجة لجلب كل فكرة تدعم تصورك الجديد وذلك بعدة أمور:
1. القراءة والاطلاع
2.المخالطة والاقتراب
3.التمثيل والتخيّل
إبدأ بقراءة الكتب التي تحكي قصص الأثرياء وتعرف على عقلياتهم وأساليبهم الذهنية في تناول مواضيعهم المالية ونمط تفكيرهم. 
خالط وتقرب من الأثرياء في محيطك لتتشرب منهم طاقة الثراء المستحوذة على أسلوب حياتهم
ثم ثقمص دور الثرى بما تحمله جعبتك من مال وتخيّل نفسك كما لو أنك تملك كل ما تريد .. وتصرّف مع الدرهم وكأنها مليون .. فكّر كيف تستثمر ما لديك ضمن إمكاناتك الحالية واعتبر تلك التجربة في مثابة البروفا المصغّرة لإدارة الملايين التي ستكون والياً عليها فيما بعد .. 
تعوّد ذهنيّا على الثراء وتدرّب على الادخار والاستثمار والإنفاق المدروس والعطاء لمن يستحق بما تحكمه الآن من مال ،، فنجاحك الداخلي وتجربتك الأولى هي الشرارة التي ستضىء لك نجاحاتك الخارجية مستقبلا،، فإن لم تمتلك داخلك لن تكون قادرا على أن تحكم خارجك. 

هكذا تُبنى الذهنيات الريادية ويؤسس للعقول الاستثمارية في العالم .. من تلك الموارد المتاحة حاليا والفرص المتوفرة في الوقت الراهن ، هكذا يصنع عجين الخبرة وتهيّء الموائد للناجحين. 

فتصالح مع أفكارك وكوّن بينك وبينها ألفةً ولُحمة تجعلك مستعدٌ ذهنياً للنجاح متى ما واتتك صفقة العمر. 


#دعاء_العواودة 
القاهرة  


















تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تقنيات التدخل في التدريب

حوار " الآيكيدو "

أنا وشيء من وجع