فقه الخوف

 


كلما أردت الحديث عن الخوف .. أطبقت  سماء صدري الواسعة ،، وعبرتني غيوم الوهن .. واستباحت مخيلتي أشباح الظلام الواهية  .. 
كنت أظن أن القضية أبعد من حدود الشعور  .. خُيّل لي أن بإمكان الخوف إلتهامنا وأحلامنا وكل ما نملك  ..
يا ربي ما ذاك الشيء المريب الذي بإمكانه قتلنا ونحن على قيد الحياة دون أن نراه بشكله الحقيقي.

أدركت لوهلة أن علاقتي مع ذلك الشيء أزلية ،، إرث لم أختر أن أكون إحدى وريثاته ،، شعور مريب عابر للزمان .. يتخطى حدود المكان .. يفترس المؤمنين به بلا هواده ،، يقتحمك .. يأتي على محاصيل آمالك ، يلتهم ما أخضّر فيك وما يَبُس .. كالفايروس لا تراه لكنه يستوطن أرض روحك فيعيث فيها فسادا .

وأنت ،،
أنت الذي أفنيت عمرك تبني مجدك المنهوب ،، تراوح حلمك عنوة وتستسلم لرياح الخوف العاتي خوفا من الآتي .

ما بالك أيها " الحالم " ،،
أما آن لك أن تقاتل وتحمي أسوار طموحك ، شمّر عن عزمك يا صاحبي وانوي البقاء ( لا تغادر ).. واعلم أن " الخوف " شعور متطفل على أفكارك يهوّلها ويعظّمها ليدبّ فيك الرعب  .. مستعمرٌ جبان لا يملك إلا بوقاً كاذباً في مسرح عقلك ، همّه الوحيد إعاقتك عن إكمال المسير  ..
ولو أنك أدركت أن كل أرضٍ جديدة ستطؤها قدميك سيستعمرها الخوف وهنا لا مناص إلاّ للمواجهة  .. وذلك لن يكون إلاّ حين تألف هذه الأرض .. فتتعرف على مواردها وتتعلم كيف تتعامل معها وتدرب نفسك على إتيانها حتى تلبس ثوب " التمكين " وتبني ألفةً مع هدفك المنشود بالمحاولة والخطأ بالممارسة والتحسين  .. هذا ما سيجعل الخوف يرحل  .. يرحل للأبد لتقرّ نجاحك في المكان الذي نويت أن تتميز فيه.

نعم ،، سيرحل الخوف 
سيرحل لأرض أخرى لم تتعرف عليها بعد ولم تألفها وحين تنوي تحريرها ستقاتل بنفس العقلية السابقة وستعيد مجدك بسلاح " الألفة " بالتدريب والتمكين .. في تلك اللحظة فقط سيؤذن للطمأنينة أن تولد من رحم خوفك السحيق.


#دعاء_العواودة 
القاهرة

 


 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تقنيات التدخل في التدريب

حوار " الآيكيدو "

أنا وشيء من وجع