الثِّقل الشعوري



ولأنك الروح ونفثة من البَوح .. لأنك المعنى قبل أن تكون المادة .. والأثير قبل أن تكون الأثر ،،
لأنك الإنسان فإن للزمان معك حديثٌ آخر ..
يخاطبك من المكان الذي اخترت لنفسك أن تنزل فيك وتحط فيه راحلة شعورك .. 
ولأن الأزمنة ثلاث " ماضٍ وحاضرٌ ومستقبل" فإن معادلة العمر تتفاوت من شخص لآخر.. فتجد من تخطى حد الكهولة ولم يهرم .. وتجد على الجانب الآخر من عبر نصف تلك المسافة فأكل الزمان عليه وشرب. 

نعم ،،
هكذا تتفاوت النتائج ببساطة ،، تتغير المعادلة بحسب المكان الذي ترعرع فيه شعورك وكبر .. 
فما أنت أيها القارئ سوى مضغة مخلقة بهيئة جسد مادي ونفخة نورانية من جسم شعوري لايعمل إلا إذا لمسهُ الزمان وبدأ عداد نبضه بالحساب .. 
ولك أنت حرية الاختيار في أن تنهك ذلك العداد بحسابات الماضي وفوضى الجرد والأرشفة أو أن تشغله بالتصفيات ضمن قائمة مرهقة من الحزن والغضب. 

أو إن أردت هيأت لعداد نبضك الفرصة لينشغل بالمستقبل فيضرب أخماساً بأسداس ويحسب جدوى مخاوفه وقلقه من أمر لم يأتِ وتوجّسٍ لم يخرج من قُمقُمه بعد ولعله لن يخرج. 

لك أيضا أن تختار العيش في جلباب اللحظة تعاصر الحاضر الذي تنصهر فيه كل الأزمان فمنه ينشق الماضي ويتمدد المستقبل .
فيه تجري كل عملياتك الحيوية ومعاملاتك الفكرية وتعاملاتك الشعوريه .. اللحظة هي" أنت" بذكرياتك الماضية وتطلعاتك القادمة وتيقّظك الحيّ. 
التي ما أن تضع ثقلك الشعوري فيها حتى تزهر وتشرق شبابا دائما فالزمان في " اللحظة " يا صاح يجري بخفة وتناسق ورقة.. 
فها هو الماضي قد أتعبك والمستقبل قد أقلقك والإقامة في أحدهما ضرب من الشقاء  .. كن بهما كعابر سبيل وإياك والمكوث.. 

واعلم أن الزمان تجري أحكامه على شعورك قبل أن يلامس جسدك الضعيف .. فتشيخ أحاسيسك وتطلعاتك كلما عبرت عليها الهموم ودهستها لحظات العمر الثقيل .. 
فلا شيء سيعيد لك نضارة روحك ورهافة حضورك ورقة شعورك مثل " الوعي بذاتك" وإدراكك لثقلك الشعوري أين تضعه.

فأين أنت أيها الإنسان من مقاييس الزمان؟


#دعاء_العواودة 
القاهرة 





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تقنيات التدخل في التدريب

حوار " الآيكيدو "

أنا وشيء من وجع