متلازمة " فقد الإحساس بالذوق " في الإدارة

كثير من المديرين المتعصبين للكرسي والمقاومين للتغيير ..
يقعون في فخ ومتلازمة ..
 *فقد الاحساس بالأذواق* ..
 ينتهي بهم هذا الأمر إلى فقد ميزتهم التنافسية في سوق شرس ومتعطش للنجاح والابداع ..

هؤلاء المديرين ..
يجدون صعوبة في الخروج من *الدثار الزمني* عندما تتقدم بهم سنوات العمل  ..

تجد *أذواقهم* تتوقف عند زمن معين أو نمط تفكير محدد أو طريقة أداء محددة ..
حتى على المستوى الشخصي تجدهم يتعصبون لأزياء معينة ومشاهير ورياضيين محددين..
أما أحاديثهم تجدها تقتصر على " الأيام القديمة الجميلة " ..
مما يجعلهم يفقدون الإهتمام بالأشياء الجديدة فتبدو لهم وكانها *باهتة*

هذه " الرجعية الشخصية " تتزامن مع " الرجعية المهنية " .. وتنعكس على أداء المنظمة وتقدمها التنافسي بين المنظمات المواكبة للنهضة والنمو ..

يجدون صعوبة في تغيير *قواعد اللعبة* التي اعتادوا عليها في الزمن القديم ..
فيفقدون القدرة على تعلم " حيَل جديدة " تدفعهم للمقدمة ..

إنهم بالمختصر ..
يستخدمون *استراتيجية بطيئة وهادئة* نحو الهلاك ..

هؤلاء المديرين أنفسهم من يصنعون بسياساتهم عوائق وحواجز في المنظمات تمنع من تطبيق مفهوم التمكين بمفهومه الحر ..

فلو أراد أحد (الممكّن لهم) أن يتصرف لو بجزء يسير من ممتلكات المنظمة التي تقع تحت مسؤوليته لاحتاج الأمر إلى ...
لجنة .. وتقارير .. وعروض تقديمية .. وتحليلات .. مما يجعل المؤسسة بالكامل تنتفض لفعل هذا " *الممكّن له* " ..

وبمجرد أن يباشر العمل والتصرف يخضع لرقابة شديدة وتحريات وتحديثات وتقارير إحراز التقدم ومراجعات واستعراضات ميزانية ..

فيبدو الأمر هكذا .. 👇🏻
" *تتناسب ثقة الإدارة وتمكينها عكسيا مع تكرار وحجم التقارير اللازمة* "
وبهذا يعيش هذا( الممكّن له ) أوقاتا عصيبة تفتقر " *للثقة* " ..
بل ويزداد نقص الثقة أكثر عندما يقع " المديرون " في *فخ التواصل والمعلومات* ..
هم يعتقدون أنه كلما زاد الحصول على المعلومات واستغلالهم لها فهذا يعطيهم مزيدا من *التحكم* والذي يساعد في التقليل من المخاطر التي ينطوي عليها التمكين او التفويض.

في الحقيقة ..
الارتياب والقلق وتثبيط العزيمة الذي يشعر به *الشخص الممكّن له* لا يأتي من الحمولة الساكنة للتقارير ..
على الاطلاق ..

بل ينبع الارتياب والتثبيط من أن هذه التقارير مقدمة من " شخص الثقة فيه معدومة" .. وأن هذا الشخص الممكّن له يقبل انتقاد المديرين وتحكمهم فيه .

هناك ..
الكثير من الطرق الأخرى التي يمكن أن يمسك بها المديرين زمام الأمور أكثر من التقارير الإدارية ..
منها ؛؛
* القواعد والترتيب الهرمي:
ببساطة *كتيب السياسات* الذي يوضح الامور التي لا يمكن للموظفين فعلها ( المحرمات ) وهو مصمم لتجنب الكوارث .. هذا الكتيب لا يخول الموظفين للسلطة ولا يبني ثقافة ثقة ولا التزام بل يركز على * الإذعان* فقط

* المعلومات والتقارير :
في مقابل طفرة التكنلوجيا والمعلومات هناك طفرة التقارير الادارية العميقة .. ( حجم التقارير يتناسب عكسيا مع الثقة ) الافراط في تقديم التقارير " افلاس للثقة " وغطاء لكبار المديرين المتزعزعين

* المهارات والمعايير :
عندما تحضر المعايير يبطل كتيب السياسات .. معظم المهن اليوم كالطب والهندسة والمحاسبة تتبع منهج المعايير ؛؛ هذا المنهج الجذاب يوفر خليط من الانسجام الثقافي والالتزام الفردي ..

* التحكم في النتائج :
منهج تقليدي مختلط ؛ تقوم على أساس " قطبيّ التحفيز " المكافأة والعقاب .. الخوف والطمع .. وهو يعتبر منهج عالي الالتزام والمصداقية .. لأنه يعتمد على " التمكين الفعال " في التحكم بالنتائج ولا يعتمد على العمليات ذاتها

* التحكم الثقافي :
منهج يفرز التزام كبير .. واحتمالية اذعان قليلة ؛ يتسم " بالقيم والتعاليم القوية السامية " التي تجعل الفرد ينقاد وراءها طوعا وتطوعا .. التزام الشركة بتأمين الموظف مدى الحياة يخلق شغفا عنده وولاء يجعله يلتزم معها طويلا .



السؤال الآن ؛؛
ما النمط الإداري الذي يتبعه المديرين الجيدين ؟؟

هل هو النمط الديمقراطي أم الدكتاتوري ؟؟


في المنظمات الحديثة والناجحة ،،
الديمقراطية ليست بديلا للدكتاتورية في بيئة العمل ؛

الأمر في قيادة المنظمات ليس بالسهولة التي نعتقد ..
*احلال نمط مكان نمط* ..

لعدة أسباب :
1. *الأعمال ليست ديمقراطيات* :
انها تحتاج الى عملية *اتخاذ قرارات واضحة* ؛ وفعالة ، ترتبط بمسؤوليات ومساءلات واضحة.
2. *المحاسبة لا تنبع من المجموعات*
وإنما تنبع من الأفراد
3. *الحاجة للحسم والهرمية في اتخاذ القرار* فلا يمكن اشراك الجميع في اتخاذ القرارات طوال الوقت ولن تحظى القرارات بإعجاب الجميع على الأغلب


هنا يكمن التحدي ..
امام المديرين في كيفية احكام السيطرة والتحكم دون تسلط لزيادة الالتزام واتخاذ قرارات صحيحة  وفعالة دون العودة للسلطة القائمة على *المنصب* فقط ..

نحتاج بناء نموذج قيادي جديد ..
لا دكتاتوري ولا ديمقراطي
هذا يأخذنا لنمط جديد يطلق عليه " *التنوع* "

النمط القيادي الجديد يقوم على :
* الاحترام ( تجعلنا نرى القائد على شخص كفء)
* الثقة المتبادلة (أهداف مشتركة مدعومة بإرشادات تساعد كلا من المرؤوسين والمديرين لتحقيق الأهداف)
* تفعيل المسؤولية الفردية
* تفعيل المسؤولية المشتركة

الأمر أشبه *بالنمط القيادي الأسري* المتوازن ..
نمط  *الإدارة الأبوية* ..
من أنجح أنماط القيادة الحديثة وبرزت بشكل كبير في القيادة اليابانية ..

حيث التشاركية والفردية إن اضطر الأمر .. الاحترام والاعتراف بالكفاءة ..
والثقة المتبادلة بين أعضاء الأسرة الواحدة ..
*تنوّع* محمود بين نمطيّ القيادة ولكن بتوازن ..

وفي النهاية المصلحة واحدة ومشتركة والغاية موحدة ..



دعاء العواودة
مستشارة تطوير قيادي وإداري
تأملات " خبايا في الإدارة "

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تقنيات التدخل في التدريب

حوار " الآيكيدو "

أنا وشيء من وجع