استراتيجية التموضع واختيار السوق

*استراتيجية التموضع واختيار السوق*

بعض المقالات تولد هكذا ؛؛ من غير ميعاد ..
تولد في لحظة إلهام .. أو تجلّي .. أو ربما استدعاء
ما حملني على كتابة هذا المقال هي ريشة التأمل التي كثيرا ما ترافقني في رحلة التعلم والكشف عن المكنون ..
وهذه المرة كنت أستجم على شاطئ تويتر وإذا بي أحصد مقطعا ثميناً يتحدث عن ذكاء قرد استطاع أن يستدرج نمراً قويا في إحدى الأدغال البعيدة ..
النمر بغطرسته وكبره ينازل قردا في ملعبه وعلى شجرته ؛؛
ولكم أن تشاهدوا عبقرية القرد في استدراج النمر وتشجيعه على ارتكاب الأخطاء ..

لقد غاب عن عقل النمر الشجاع فلسفة القتال في أرض الخصم ؛؛

صحيح أن ..
*الشجعان يرحبون بالمخاطر ليفوزا بالمكافآت* ..
ولكن نظرا لخطورة " المنافسة " .. وحساسية المواجهة .. كان على هؤلاء المنافسين الشجعان أن يقدروا حجم الخطر الذي يتربص بهم ؛
بالرغم من أنهم أيضا بحاجة الى " الإقدام والمخاطرة " ليختبروا مدى شعورهم بالنجاح والتفوق .

هنا تكمن المعضلة  ؟؟
معضلة ؛؛
*الترحيب بالمخاطر وكسب المآثر*
هكذا أحب أن أطلق عليها ..

بداية ؛؛
يجب أن ندرك أمراً ..
ألا وهو أن احتمالات *الفشل* وارده واحتمالات *النجاح* أيضا واردة ..
لذا يجب أن لا ندع خوفنا من الفشل يعوق تقدمنا مطلقاً ؛؛
بل نقدم على النجاح بخطوات صغيرة ومدروسة وسريعة وحاسمة ..
ولا يغيب عنا أن *السرعة* هي جوهر كسب الجولات في أغلب المعارك ..

ما نستطيع فعله في استراتيجية المخاطر والمكافآت هو " تقييم الفرص " بعناية .. فكل خطوة تحتاج منا الى بعض *المخاطرة* ..

في الحقيقة ..
نحن لا نخوض المعارك لأجل تحقيق الفوز وحسب ... على الإطلاق ؛؛
بل نحن *نخوض المعارك لتحقيق الفوز الذي يؤتي ثماره* ..
وهذا لن يحدث إلا إذا وازنا بين *الخوف والطمع* .. *المخاطر والمكافآت*

*الطمع* : يمنعنا من الاستسلام للمخاوف
*المخاوف* : تمنعنا من التصرف بحماقة
بل " تدفعنا لدراسة الفرص " وتحليل البيئة واختيار الاستراتيجية والتموضع بذكاء في ساحة المنافسة وكسب الفرص ..


في عالم الأعمال ..
*الحجم* لا يهم ؛؛
فالحجم في لغة الأعمال عملة ذات وجهين ..
قد يكون حجم " *المنظمة النمر* " سببا في منحها المزيد من القوة والموارد ..
لكنه في الوقت ذاته يعوق من تحركها ويقلل من سرعتها بالذات في ملعب الخصم " *المنظمة القرد* " ..

*قوة الطرف الأكبر يقابلها سرعة الطرف الأصغر* ..
ومن وجهة نظر فلسفية كثيرا ما تتفوق ..
( *سرعة الحركة على قوة الحجم* )

ببساطة ؛؛
لأن السرعة تركز على *المستقبل* لا على الماضي كما يفعل الحجم 👌

فلننظر إلى المشروعات الكبرى .. على سبيل المثال في سوق الأعمال ؛؛
جميعها بدأت على هيئة *شركات رائدة صغيرة* مختصة بمجال معين ومحدود في السوق هروبا من .. " كبار المنافسين"

وهنا ..
موطن القوة والذكاء في استخدام *استراتيجية المحيطات الزرقاء* التي ترتكز على إبعاد الخصم عن المنافسة عن طريق .. *ابتكار القيمة* وخلق ساحات جديدة ومحدودة للمنافسة بعيدا عن الشركات العملاقة وهذا الأمر ناجح جدا ..

فكما نعلم أن ..
عدد الشركات الناشئة والصغيرة التي يقودها صغار المنافسين أكثر بكثير من عدد الشركات العملاقة ؛؛
إذا يمكننا القول بأن ..
*عدد الفئران في العالم يفوق بكثير عدد الفيلة* ☺

الإستراتيجية تتماهى بشكل رائع مع الطبيعة ..

في النهاية ؛؛
تجدر الإشارة إلى ان:
" *الاستراتيجية أشبه بمهارة اقتناص الفرص* " ..
فلا يجب لخصمك أن يتوقع منك أو يتنبأ بخطوتك القادمة .. بمعنى آخر *لا تدع وضعك ينبئ بتصرفاتك*

حافظ على ثغراتك ونقاط ضعفك بعيدا عن متناول الخصم ؛؛ لا تكشف له كم أنت ضعيف أثناء النزال ..

قاتل بطريقة غير متوقعة كي لا تكشف عن حقيقة وضعك .. حاول تضليل خصمك وشجعه على ارتكاب الأخطاء تماما كما فعل ..
" *القرد الذكي* " بخصمه " *النمر القوي* "

نعم ؛؛
تقع المنظمات الكبيرة كما رأينا عندما ..
* تخاطر دون *تقدير* لحجم المخاطرة
* تنافس *بقوة* .. لا *بذكاء*
* قصورها في التشخيص والتكهّن ببيئة الخصم وملعبه .
* الإستهانة بالخصم
* غياب فلسفة *التصرف الاستراتيجي*
والتي تُعنى بتغيير الموقع والتحرك
* انعدام الوحدة والتركيز بين مكونات المنظمة

وغيرها الكثير ..

من الفطنة أن ندرك ؛؛
أن طريقة القتال تختلف باختلاف الساحة التي تنتمي إليها ؛؛
عندما تكون الأرض أرضك أنت لست مسؤولا عن الهجوم بل سيقتصر دورك على التصدي والدفاع لحماية أرضك ومواردك ..
وعندما تكون الأرض أرض خصمك وملعبه لا بد أن تعلم حينها بأنك تتبنى موقف هجومي ..
وكي تبدأ بالهجوم *ينبغي أن تفوق قوتك الحد الكافي للفوز* ..

السؤال ؛؛
أنت كمنظمة هل تملك من القوة ما يجعلك تفوز كمهاجم أم أنك لم تنضج كما يجب بعد لدخول المنافسة ؟؟




بقلم ..
#دعاء_العواودة
مستشارة تطوير قيادي وإداري
twitter:@doua7777