المبيعات "وجوهرة المهمّة"







المبيعات ؛؛
استراتيجية أم نشاط ؟؟

يتبادر السؤال إلى أذهاننا كبادرة لنحصل على الجواب كبذرة مخصبة جاهزة للانغراس في تربة أذهاننا المتلهفة للعلم والمعرفة ..

في حقيقة الأمر ..
الإستراتيجية ؛؛
ليست مجرد خطة  .. أو فكرة ؛؛ ولا حتى وسيلة !!
الإستراتيجية " عملية ممنهجة ومنظمة "
إنها عبارة عن ممارسات منهجية مترابطة ومتكاملة تأخذ بيدك نحو تحسين القرارات وتصويبها في مختلف المواقف .. لتكون النتيجة تعزيز أدائك وتحقيق أهدافك والارتقاء بموضعك التنافسي

أسمى وظيفة للإستراتيجية ..
أنها تحثك دوما على " البحث عن الحقيقة ومن ثم الوصول إلى الرؤية " ..
وفي حديثي معك أنت كقائد مبيعات فعليك أن تكون دائم البحث عن حقيقة موقعك التنافسي أين أنت الآن وإلى أين تريد أن تصل  ...

الفلسفة تقول :
لايوجد هناك موقع سيء وموقع جيد بحد ذاته .. بل هناك أسلوب جيد في إدارة الموقع وآخر سيء .

إذا كيف يمكنك أن تحسن أداءك في مواجهة منافسيك ؟؟
وكيف تطوّر استجابتك وردود أفعالك إزاء المواقف المتعددة ؟
كيف تحدد نقاط القوة والضعف لدى منافسك ... وهذا بالتالي ما يزيد قوتك ويمهّد لك سبل الفوز !!
في علاقات منظمات الأعمال وفي استراتيجياتها ... أكثر عنصر معرّض للتغيير هو " الموقع التنافسي " ويرجع ذلك لسلسلة الهجمات الدائمة والشرسة من قبل نظرائك من المنافسين .

المنظمة الواعية وفريق المبيعات الواعي .. يضع الموقع التنافسي له .. أمام عينيه وفي مرمى نظره باستمرار .. يحميه .. ويطوره .. ويمكنه .. ويعززه .. ويتقدم به .. ويراجع أداءه ويقييمه بالمقارنة مع المنافسين .. حتى يتمكن من الحياة .

كيف يمكن ذلك؟

تبدأ ملامح الإستراتيجية بالتشكّل بمجرد قيامك بعملية التحليل الاستراتيجي لاكتشاف موقعك وموقفك التنافسي ..

إذا استطعت أن تحلل موقعك التنافسي وتحدد عملاءك وتتعرف على منافسيك فهذا يعني أنك قد نجحت في تحديد موقعك الاستراتيجي بإحداثيات الزمان والمكان " الزمكان " اللذان لاينفصلان عن بعضهما البته ..
هذان أهم بُعدين ينبغي عليك تحديدهما في البداية لتطوير موقعك التنافسي ..
يأتي بعد ذلك تحديد " إطار العمل " الخاص بهذا التحليل ..
ومن المهم أن ندرك أن " جوهر " الموقع الاستراتيجي يكمن في الرؤية والفلسفة التي تترجم المهمة الأصلية والأساسية التي بنيت عليها إدارة المبيعات في المنظمة .
وعلى عاتق قائد المبيعات تقع مهمة توضيح فلسفة ورؤية المنظمة .. وبناء موضعها التنافسي ؛؛فكلما كانت الرؤية واضحة كلما توازنت وتوحدت أركان المنظمة من الداخل .. واتجهت نحو الموقع التنافسي بقوة .

إذا الرؤية :
هي الشيء الوحيد الثابت في مكونات المنظمة ... أما باقي المكونات فإنها تتغير كلما تقدم الموقع التنافسي أو تراجع ؛؛ ما يهم أن يبقى " جوهر المهمة " وهي الرؤية ثابتة لإحراز تقدم ملموس نحو التنافسية .

تقول الفلسفة :
" القيم تظل ثابتة والقوائم تتحرك "
هذه هي التنافسية تحملها القوائم وتدفعها حماسة التنافس وتحميها قيم المنظمة ومبادؤها ...

السؤال الآن ..
ما هي القوائم الأربعة التي تتحرك بها المنظمة ؟؟

نعلم جميعا أن الرؤية هي ..
"قلب الاستراتيجية " ومنها تستخرج جواهر القيم الثابتة والمتأصلة والتي لا يمكن الانسلاخ عنها .. فهي من تحرّك قوائم المنظمة وتوجهها وترسم سياستها بناءً على فلسفتها ..

القوائم تتشكل من أربع مقومات ..

1. الموقع :

وهو المكان ؛؛ الأرض .. أو المنطقة
إنها المساحة التي تضع قدميك عليها وتعمل من أجل حمايتها وتسعى إلى تمكينها والنمو بها  ؛؛
في إدارة المبيعات نسمي تلك المساحة
" السوق "  ..
مهمة ( قائد المبيعات ) الاستراتيجية في هذا المكون هو اختيار الموقع ونوعية العملاء المرتقبين ..

2. المناخ الإقتصادي :

بالمقابل عندما تختار السوق فأنت تختار أيضا طبيعة المناخ والجو الإقتصادي الذي يخيّم على هذا السوق فتقوم بدراسة مناخك الخاص والمناخ العام للمنافسة .

3. القائد الاستراتيجي :
أو مدير المبيعات شخص يملك سدة القرار بالمنظمة يمارس نشاطه القيادي في حقل خصب من الصفقات مع شخصيات فريدة وقيادية كل منهم يمثل مؤسسته .. وهذه الشخصيات من منافسين وشركاء وعملاء يلعبون دورا بارزا في تحليل موقفك الاستراتيجي.

4. الوسائل :

أو التقنيات المستخدمة في إجراء واتمام عمليات البيع بالمنظمة إنها أيضا التقنيات المستخدمة في هيكلة نظامك المؤسسي ..
وكقائد مبيعات أهم الوسائل التي تتطلب منك عناية ودقة هي القرارات التي تحدد نشاط الفريق.

كل هذه المكونات تعين على تحديد موقعك الإستراتيجي وتحليله ..
الآن يمكنك إتخاذ الخطوة القادمة المتمثلة في :
" تطوير موقعك الإستراتيجي "
وهذه العملية تتطلب منك 4 خطوات رئيسية ومتسلسلة على هيئة دورة حياة تحافظ فيها على إبقاء المنظمة على قيد الحياة والتقدم ..

1 التعلم:

يعني اكتشاف وجمع المعلومات في كل ما يخص موقعك الاستراتيجي ثم تحليلها وهذه الخطوة أولى مراحل التعلم حيث تمهد لك الطريق في بناء توجهك الاستراتيجي وتكتيكاتك في التحرك والتنافس.

2 الرؤية:
أما الرؤية فهي تعني ملاحظة الفرص والثغرات التي تأتي بها تقلبات المناخ الاقتصادي بالسوق المتأثر بالعوامل الأخرى .. براعتك كصاحب رؤية وبصيرة أن تلاحظ تلك الثغرات والفرص قبل الآخرين .. حتى تتقدم نحو تحقيق رؤيتك ...

3.الانتقال :
 تتلخص مرحلة الانتقال في قدرتك على استثمار الفرصة وتوجيهها نحوك وتغيير مؤشر الواقع لصالحك وكلما كانت التغييرات صغيرة وسريعة كان مفعولها أقوى وأجدى اقتصاديا من التحولات الكبرى.

4 . اتخاذ الموقع :
يأتي ( التموضع أو التموقع ) كخطوة نهائية فهو نابع من الانتقال ويعني أن يصبح الموقع الجديد خط دفاعك الأول ..
بالنسبة لقائد المبيعات تعتبر هذه الخطوة نهائية وتعني ان التغييرات التي قمت بها آتت نتائجها وتثبت بالدليل أنك على حق وسيبدو ذلك جليا في زيادة المبيعات وتنميتها وارتفاع ارباح منظمتك ..

على أعتاب كل صفقة تُكلف نفسك بالفوز فيها .. أنت على موعد مع منظمتك لتقدم كل المبررات الكافية من أجل التضحية والخوض بالمنافسة بما يضمن مستقبلا مشرقا للمنظمة ... ولتضمن النجاح كقائد مبيعات محترف عليك أن تمارس دورك  كمحلل نشرة جوية ناجح تراعي متغيرات المناخ وتراقبها فتدرك متى تدفع بحركة المبيعات ومتى تعطلها ؛؛ متى تسافر بأمتعتك للعميل ومتى تجذبه إليك ؟؟

إدارة المبيعات باختصار تعني :
" التحكم في إدارك الآخرين للواقع "
كقائد ..
عليك أن تستوعب فلسفة الهيمنة على التوجهات والميول .. كيف يمكنك آحداث التأطير ... وتمارس هذا الأمر مع فريقك فتمنحهم الثقة حد الشك بأنفسهم عندما يطغى الغرور عليهم ..
تطمئنهم عندما يعتريهم القلق ..
وتشعل فتيل الربكة عندما يظن الفريق أن كل شيء على ما يرام ويبدأ منطاد حرصهم بالهبوط ..

كل هذه الأساليب تعينك على إحكام السيطرة بدون أن ترهق نفسك بصراعات مباشرة مع الفريق " الإيحاء النفسي يفي بالغرض "

عندما تتحالف جميع عوامل الفوز ضدك ..
تجنب الهزيمة قدر المستطاع .. ارجع لثكنتك القيادية وراجع تحليل الموقف وأعد توطين مميزاتك في مكانها الملائم

" فالنجاح لا يتحقق بمجرد فوزك بالصفقة ؛؛ بل يتحقق بالأرباح التي يتم جنيها من وراء تلك الصفقة "

هناك حقيقة تقول:
( الربح في صفقة تكلفك نفقات بيع قاسية تعتبر خسارة على المدى الاستراتيجي )

هدر الموارد المحدودة للمنظمة من أجل إتمام صفقة نجاح يقود إلى الفشل ..يجب المحافظة على "الكفاءة والفاعلية"
هذا ما ستعلمه لك الإستراتيجية :
( التحكم في النفقات )

النفقات تتمثل في :
*تعيين عدد كبير من موظفي المبيعات يرهق المنظمة بقائمة ثقيلة من الرواتب

*المماطلة في إغلاق صفقات البيع ؛؛ يثقل موازنة التشغيل ودوران المنتج ورأس المال  يقال " المعارك الناجحة لا تستمر لفترة طويلة" ... الإستغراق في إغلاق عملية البيع يعرض المنظمة للخطر فيتضاعف حجم المنافسين وتتعرض قاعدة العملاء للإستهداف وتتطاير الفرص .

*استهداف عملاء غير محليين ؛؛ إذ تكلفة الوصول لهم مكلفة ... قد يكون سوقك أو موقعك واسعا ... هنا يجب إن يكون لك استراتجية خاصة في الإنتاج والبيع ترتبط برؤيتك في التوسع والانتشار  ... لتعزز تنافسيتك ونموك ...

*استهداف صفقات بيع كبرى تستنزف المنظمة ... إن لم تكن مواردها وإمكاناتها مؤهلة لهذه الصفقة ... هنا يجب عليك أن تضع استراتيجيتك الخاصة في النمو ...

كل هذه نفقات من *الخطر* الإستثمار فيها ؛؛ فالتفوق الذي وصلت له المنظمات الكبرى جاء من .. " صفقات البيع الرابحة وليس من الإستثمار " أقصد الاستثمار في العمليات وبناء الفريق ... ( فبدلا من الاستثمار بتنمية قسم المبيعات يجب على قسم المبيعات أن يساهم بالأرباح التي يحققها من صفقات البيع الناجحة  في تنمية المنظمة وتوسيعها وزيادة تنافسيتها )

هكذا تلمع " جوهرة المهمة " ..

لذلك ؛؛
عليك كقائد مبيعات أن تدرّب أعضاء فريقك .. على ... ( كيف يعتمد على نفسه وكيف يفوز بالصفقات ... وكيف يؤثر على عملائه ويقنعهم ... وينتج مؤونته بعمليات بيع مربحة بدلا من التغذي على المنظمة)

سبع شركات من بين كل عشر شركات تفشل وتغلق خلال سنتين من الإنطلاق فقط والخلل القاتل يكمن في حدوث نزيف في شريان النفقات ؛ نفاذ الأموال يدفع المنظمات إلى التوقف عن نشاطها ..
والإدارة الضعيفة تؤدي إلى وأدها مبكرا .

بالمقابل ؛؛

هناك فريق قوي ومتّحد يؤهل المنظمة لتبق في المقدمة وتحافظ على مركزها التنافسي .. مهمتك كقائد مبيعات هنا أن تمد يدك بسخاء لمكافأة الأبطال الذين عملوا معك على توليد الأرباح وكسب الصفقات ..

تعلمنا الإستراتيجية دوما أن :
" قوة المبيعات لاتأتي من حجمها بل من الوحدة بين فريق المبيعات والفرق الأخرى ؛ والتركيز على تنمية المبيعات "

التركيز : يمنح المنظمة الكفاءة
الوحدة : تمنح المنظمة الفاعلية

فمواجهة المنافسين في مواقع صغيرة ومركزة تبرز فيها مميزاتك تكشف لك مواطن القوة النسبية التي تتمتع بها بكل صفقة ؛؛ يساعدك على اختيار السياسة الأنسب للفوز وكسب الصفقة.
إنها استراتيجية المحيط الأزرق في تجنب المنافسات القوية وتركيز المبيعات على مناطق لم يتطرق إليها أحد .

والآن يمكنك تقييم نفسك كقائد مبيعات ؛؛
إن اختصرت مهمتك على وحدة العمل وتركيزه للتفوق على منافسيك والفوز بأكبر قدر من الصفقات فأنت قائد من
" الدرجة الثانية "

أما إذا كان هدفك الأمثل هو *إحباط رغبات المنافسين*  في مواجهتك فأنت قائد مبيعات من "الدرجة الأولى"

إن أفضل حملة مبيعات على الإطلاق هي تلك التي تستهدف (الأسواق قبل المنافسين)
أسوأ حملات البيع تلك التي تواجه المنافسين بشكل مباشر وتصطدم بنقاط قوتهم ؛؛
فلا يمكنك أن تتفوق على خصومك في مواطن قوتهم هذا سيضعفك ويدهور مركزك التنافسي .. كارثة أن تراهن بكل شيء للفوز بصفقة بيع واحدة تثبت بها لخصومك أنك تستطيع !!

ابحث دوما عن مناطق لا يرغب منافسيك الذهاب إليها إخلق الأسواق يأتيك المتسوقون تباعا ؛؛ استهدف شريحة العملاء التي لا يهتم بهم أحد .. عليك أن تبني سور العملاء الجدد بأقصى سرعة لتصنع القاعدة.

تقول الحكمة :

( خلق الأسواق يخلق العملاء )

وأخيرا ..
حملات البيع الناجحة تحتاج لقائد مبيعات محنك ومحترف وفريق متحد ومركز واستراتيجية بيعية تتبع قواعد النجاح المرنة للفوز بالمراكز التنافسية الأولى في سوق متغيّر ..

تلك القواعد تقول :

* حملة المبيعات المثالية تدفع بالمنافسين خارج المنافسة وترغمهم على التخلي عن الصفقة .
* حملة مبيعات رائعة تطيح بالمنافسين بعيدا عن الساحة .
* حملة مبيعات جيدة تدفع منافسيك للتصارع بينهم
* حملة مبيعات متوسطة يمكن لها أن تنجح إذا سمح لها بذلك
* حملة مبيعات ضعيفة تجعلك مضطرا للدفاع عن عملائك الحاليين
* حملة مبيعات فاشلة ترغمك على تسليم عملائك للمنافسين

معلومة مهمة :

المنافسين الصغار لا يستطيعون التفوق على المنافسين الكبار بشكل مباشر
لكن المنافسين الصغار ينجحون في
عرقلة المنافسين الكبار من اللحاق بهم

صفوة القول ..

يمكن اعتبار إدارة المبيعات بأنها الدينمو المحرك لفلسفة المنظمة .. تجسد رؤيتها للخارج وتحصد ثمار النجاح وتورده للداخل ؛؛
إدارة المبيعات لا تعمل وحدها بل تتكامل مع إدارة التسويق التي من أهم مهامها خلق الأسواق والفرص وتمهدها أمام إدارة المبيعات التي تعمل بحرفية على استغلالها وتنميتها .

خذها مني قاعدة؛؛
إذا أردت أن تنجح في قيادتك لفريق المبيعات وتحقيق صفقات مربحة ؛؛ فالمنافسة الحقيقية هي لذاتك .. نافس ذاتك تحقق تنافسية عالية لمنظمتك ..
كلما ارتفع طموحك ؛؛ كلما نافست اكثر وكلما وصلت إلى قمة .. ارفع من شغفك لتصل إلى القمة الأخرى .
مدير المبيعات الناجح هو الذي يتمكن من إحراز صفقة أكبر من سابقتها .. تقدم الآن نحو تنافسيتك👍



بقلم ..
دعاء العواودة
مستشارة تطوير قيادات

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تقنيات التدخل في التدريب

حوار " الآيكيدو "

أنا وشيء من وجع